خطبة الأسبوعخطبة الجمعةخطبة الجمعة خطبة الأسبوع ، خطبة الجمعة القادمة، خطبة الاسبوع، خطبة الجمعة وزارة الأوقاف

خطبة بعنوان : من صفات المؤمنين العفة والطهارة * لفضيلة الشيخ / عبد الناصر بليح

 *من صفات المؤمنين العفة والطهارة *

لفضيلة الشيخ / عبد الناصر بليح

 لتحميل الخطبة إضغط هنا sfat

الحمد لله رب العالمين , يارب لك الحمد حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه  .. حمداً دائماً يليق بجلاله وكماله وعظيم سلطانه .. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في سلطانه ولي الصالحين . 

وأشهد أن سيدنا ونبينا وحبيبنا وشفيعنا محمداً عبد الله ورسوله وصفيه من خلقه وحبيبه ..

القائل :”لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن، ولا ينتهب نهبة يرفع الناس إليه أبصارهم حين ينتهبها وهو مؤمن”(متفق عليه). .اللهم صلاة وسلاماً عليك يا سيدي  يا رسول الله وعلي ألك وصحبك الطيبين الطاهرين وسلم تسليماً كثيراً ..  أما بعد فيا جماعة الإسلام

يقول الله تعالي :” قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ.الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ.وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ. وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ.وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ.إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ.فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ.وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ.وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ .أُوْلَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ “.(المؤمنون/1-11).

من هم المؤمنون الذين كتب الله لهم هذه الوثيقة، ووعدهم هذا الوعد وما هي صفاتهم ؟

نعم صفات المؤمنين كثيرة،عددها القرآن الكريم و تناولتها السنة النبوية المطهرة ومن أبرزها الخوف من الله تعالى الباعث على الانقياد لأمره ونهيه، والالتزام بآداب تلاوة القرآن والعمل به، والتوكل على الله،والإنفاق في أوجه الخير.. والإيمان بالغيب والمحافظة علي الصلاة والخشوع فيها والإعراض عن اللغو “. لغو القول، ولغو الفعل، ولغو الاهتمام والشعور” وحفظ الأمانات والصابرين في السراء والضراء ” عجباً لأمر المؤمن, ﺇن أمره كله له خير, وليس ذلك لأحد إلا للمؤمنين, إن أصابته سراء شكر فكان خير له, وﺇن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له” إنه الوعد الصادق بالخير ، بل القرار الأكيد بفلاح المؤمنين.. الفلاح في الدنيا والفلاح في الآخرة. فلاح الفرد المؤمن وفلاح المرأة المؤمنة.

وأهم الصفات التي ينبغي أن يتحلي بها المؤمن لما لفقدها من  خطورة علي المجتمع ألا وهي صفة :”  حفظ الفروج “ حفظ الفروج من الزنا ومن اللواط  ، ونحو ذلك، وقد أخبر الله -تعالى- في كتابه أن حفظ الفروج من صفات المؤمنين المفلحين، الذين يرثون الفردوس ويخلدون فيها، فقال -تعالى-: ” وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ ” ثم قال تعالى-: ” أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ”. وأثنى سبحانه في سورة ” سأل ” على المؤمنين في اتصافهم بأوصاف منها حفظ فروجهم، وأخبر أنهم يدخلون الجنات يكرمون فيها بالنعيم، فقال:”وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ”ثم قال:”أُولَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ“(المعارج /35).

وفي هذه طهارة الروح والبيت والمجتمع . ووقاية النفس والأسرة  بحفظ الفروج من دنس المباشرة في غير حلال، وحفظ القلوب من التطلع إلى غير حلال؛ وحفظ المجتمع  من انطلاق الشهوات فيها بغير حساب، ومن فساد البيوت فيها والأنساب. فالمجتمعات التي تنطلق فيها الشهوات بغير حساب تكون معرضة للخلل والفساد؛ لأنه لا أمن فيها للبيت، ولا حرمة فيها للأسرة. والقرآن هنا يحدد المواضع النظيفة التي يحل للرجل أن يودعها بذور الحياة :” وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ ” ليس غير  الزوجات وملك اليمين، ولا زيادة بطريقة من الطرق. فمن ابتغى وراء ذلك فقد عدا الدائرة المباحة، ووقع في الحرمات، واعتدى على الأعراض .

فالزنا ليس من صفة المؤمنين ؛ لأنه ينافي حفظ الفروج الذي أخبر الله أنه من صفة المؤمنين المفلحين، ولذلك حرمه الإسلام، ونهى الله عباده عنه وعن مقاربته، ومخالطة أسبابه ودواعيه، وبين أنه فاحشة، وأنه بئس طريقًاً ومسلكًا، فقال تعالى:” وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا “(الإسراء/32). 

ابن آدم :”عمرك في الدنيا وإن طال فأيامه قصيرة , ولذاتك مهما حلت لك في الحال فستورثك بعد ذلك حسرات كثيرة ..وارتكابك للزنا بلي استحياء دليل منك علي انطماس البصيرة .

وكم من شهوة أورثت ندماً طويلاً .. إذ لو كنت من الراشدين ما سلكت مسالك الزناة الفاجرين ؟ وكيف تقرب الزنا وقد أباح الله لك أربعاً من النساء ؟ كيف تتسبب لنفسك في الذل والمرض وأنواع البلاء والفقر والعياذ بالله حيث ورد :” بشر الزاني بالفقر ولو بعد حين ”

ولقبح هذا الذنب وعظمه شناعته وبشاعته قرنه الله بالشرك وقتل النفس، وأثنى على عباده في بعدهم عن هذه القبائح الثلاث: الشرك والقتل والزنا، وتوعد من فعل ذلك بالحصول على الإثم ومضاعفة العذاب، فقال تعالي: “وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَٰهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ ۚ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ يَلْقَ أَثَامًا   يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا   إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا”(الفرقان/ 68-70).

  وعَنْ اِبْن مَسْعُود قَالَ: سُئِلَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “أَيّ الذَّنْب أَكْبَر؟”، قَالَ: ” أَنْ تَجْعَل لِلَّهِ نِدًّا وَهُوَ خَلَقَك ” ، قَالَ: “ثُمَّ أَيّ؟”، قَالَ: “أَنْ تَقْتُل وَلَدك خَشْيَة أَنْ يَطْعَم مَعَك”  ، قَالَ: “ثُمَّ أَيّ؟”، قَالَ: “أَنْ تُزَانِيَ حَلِيلَةَ جَارِك”(أحمد).

وقال صلى الله عليه وسلم: ” لا تزال أمتي بخير ما لم يفش فيهم ولد الزنا، فإذا فشا فيهم ولد الزنا؛ فأوشك أن يعمهم الله بعذاب”(مجمع الزوائد للهثيمي – حسن لغيره).وعن النبي صلى الله عليه وسلم قال:” إذا ظهر الزنا والربا في قرية؛ فقد أحلوا بأنفسهم عذاب الله “(الطبراني ، والحاكم ، والبيهقى). وفي حديث أخرعن النبي صلى الله عليه وسلم: ” ما نقض قوم العهد قط إلا كان القتل بينهم، وما ظهرت فاحشة في قوم قط إلا سلط الله عز وجل عليهم الموت” (صحيح على شرط مسلم).

وفي حديث ابن عمر أيضًا رضي الله عنهما، قوله: “لم تظهر الفاحشة في قوم قط؛ حتى يعلنوا بها؛ إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا“(ابن ماجة).

جماعة الإسلام :

الزنا لحظة عابرة، وشهوة عارمة، ونزوة شهوانية عاقبتها وخيمة، وآثارها سيئة، فهي لذةٌ تذهب سريعًا، وتضمحلّ عاجلاً، فيبقى العار ، وغضب الخالق الجبار.وكم من شهوة قصيرة أورثت ندماً طويلاً . جاء في صحيح البخاري في حديث المنام الطويل أنه صلى الله عليه وسلم قال:”فانطلقنا، فأتينا على مثل التنور – قال: وأحسب أنه كان يقول – فإذا فيه لغط وأصوات، قال: فاطلعنا فيه، فإذا فيه رجال ونساء عراة ، وإذا هم يأتيهم لهب من أسفل منهم ، فإذا أتاهم ذلك اللهب ضوضوا، قال: قلت لهما: ما هؤلاء؟… قال:… هؤلاء الزناة والزواني”  .

الزنا فاحشة كبيرة والأعظم أن يقوم بهذه الجريمة من اقترب قدمه من القبر ولا يتذكر سوء الخاتمة والمصير، قال: ” ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم (قال أبو معاوية: ولا ينظر إليهم)، ولهم عذاب أليم: شيخ زان، وملك كذاب، وعائل مستكبر“(مسلم).

وكما نعي علي الشيوخ الذين يقترفون هذه الرزيلة  امتدح الشباب والرجال الأتقياء الأنقياء المتعففين  : “سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظلّه” ، وذكر منهم:”رجل طلبته ذات منصب وجمال، فقال: إني أخاف الله“( الشيخان).

و كذلك النساء المتعففات : “إذا صلت المرأة خمسها، وصامت شهرها، وحفظت فرجها، وأطاعت زوجها، قيل لها: ادخلي الجنة من أي الأبواب شئت“(أحمد). فاتقوا الله عباد الله واجتنبوا محارم الله والتزموا حدود الله وإياكم والعبث في الأعراض ففيها فساد للمجتمع كله.

أخوة الإيمان :

نهي الإسلام عن الزنا بل عن مقدمات الزنا وعن كل شيء يمهد لهذه الفاحشة لما لها من خطورة جسيمة ..وإن من الممهدات لهذا الفعل القبيح فعل اجتماعي خاطئ انتشر في ديار الإسلام ألا وهو المعاكسات, سواء في الطرقات أو الهواتف أو عن طريق المحادثات الالكترونية أو المواقع الإباحية  وكلها محرمة.وكما نهي الله عز وجل عن مقدمات الزنا ومنها اللمس والهمس والكلمة نهي عن النظرة فقد سأل علي بن أبي طالب رضي الله عنه الرسول صلي الله عليه وسلم عن نظر الفجأة فقال له :”يَا عَلِيُّ لا تُتْبِعْ النَّظْرَةَ النَّظْرَةَ فَإِنَّ لَكَ الأُولَى وَلَيْسَتْ لَكَ الآخِرَةُ “(الترمذي ).   وقال صلي الله عليه وسلم : “إِنَّ النَّظْرَةَ سَهْمٌ مِنْ سِهَامِ إِبْلِيسَ مَسْمُومٌ، مَنْ تَرَكَهَا من مَخَافَتِي أَبْدَلْتُهُ إِيمَانًا يَجِدُ حَلاوَتَهُ فِي قَلْبِهِ“(الحاكم، والطبراني).

كل الحوادث مبدأها من النظــر **ومعظم النار من مستصغر الشرر.

                 كم نظرة فتكت في قلب صاحبها ** فتك السهام بلا قوس ولا وتـــر.

                والمرء ما دام ذا عين يقلبـــــها** في أعين الغير موقوف على الخطر.

                يَسُرُّ مقلتَــه ما ضرَّ مهجتــــــه**  لا مرحباً بسرور عاد بالضـــــــرر.

فيا أيها المؤمنون :

اتقوا الله وغضوا أبصاركم واحفظوا فروجكم وعفوا تعف نساؤكم ولا تضيعوا أنسابكم.  واستمع وخذ العظة من هذه المرأة الطاهرة العفيفة المتزوجة الذي أحب رجل أن  يعبث بكرامتها وحرمتها فقالت له يا فلان اتق الله أما تسمع قول القائل :

سأترك ماءكم من غير ورد …. وذاك لكثرة الــــوراد فيه

إذا سقط الذباب على طعام … رفعت يدي ونفسي تشتهيه

وتجتنب الأسود ورود ماء … إذا كان الكلاب ولغن فيـــه

ويرتجع الكريم خميص بطن…ولا يرضى مساهمــة السفيه.

سيدنا النبي يحذر من هذه القاذورات كون رجل يعبث بحرمة امرأة او يخلو بها أو ينظر إليها أو يشغل قلبه بها أو يعتدي علي حرمة غيره حرام ..

أيها الناس :”

يستتر الزاني عن أعين الناس عند ارتكاب هذه الفاحشة ويخاف أن يراه أحد علي تلك الجريمة الشنعاء أفلا يخاف الله المنتقم الجبار؟ أولا يستحي من علام الغيوب؟  :” يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا“(النساء/108).

يا هذا:”  أترضي أن يعتدي أحد علي حرمة أمك أو ابنتك أو أختك أو زوجتك ؟ إذا كنت لا ترضاه لنفسك فكيف ترضاه لغيرك   يقول   صلي الله عليه وسلم :” لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه”( البخاري ومسلم). والزنا من أعظم الذنوب وأفحشها فهو من الكبائر العظيمة..

وقد عالج الإسلام نزعة حب الزنا، والتطلع إليه بتصور الإنسان المتطلع إليه لكراهته للزنا لو وقع على إحدى محارمه، فعن أبي أمامة -رضي الله عنه-: أن فتى شابا أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله، ائذن لي بالزنا، فأقبل القوم عليه فزجروه، وقالوا: مه مه، فقال: أُدنه، فدنا منه قريبا، فقال: اجلس، فجلس فقال: أتَحبّه لأمك، قال: لا والله -جعلني الله فداك-، قال: ولا الناس يحبونه لأمهاتهم، قال: أفتحبه لابنتك؟ قال: لا والله يا رسول الله -جعلني الله فداك-، قال: ولا الناس يحبونه لبناتهم، قال: أفتحبه لأختك؟ قال: لا والله -جعلني الله فداك-، قال: ولا الناس يحبونه لأخواتهم، قال: أفتحبه لعمتك، قال: لا والله -جعلني الله فداك-، قال: ولا الناس يحبونه لعماتهم، قال: أفتحبه لخالتك؟ قال: لا والله -جعلني الله فداك-، قال: ولا الناس يحبونه لخالاتهم، قال: فوضع يده عليه وقال: اللهم اغفر ذنبه، وطهر قلبه، وأحصن فرجه، قال: فلم يكن بعد ذلك الفتى يلتفت إلى شيء “(أحمد).

أخوة الإيمان : ولو رضاه لأهله فماذا يكون ؟.. أتدرون ماذا ؟ لو رضي بالزنا لأهله فهو قد تجرد من إنسانيته و فقد نخوة الرجولة و الغيرة وينطبق عليه لفظ الديوث و الديوث :” هو الذي يري الفاحشة في أهله ولا يغار عليها  وهو محرم عليه الجنة , قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال : ثلاثةٌ قد حَرّمَ اللهُ – تَبَارَكَ وَتَعَالَى – عليهم الجنةَ : مُدْمِنُ الخمر ، والعاقّ ، والدّيّوثُ الذي يُقِرُّ في أَهْلِهِ الخُبْثَ “( أحمد والنسائي) .

والدّيوث قد فسّره النبي صلى الله عليه على آله وسلم في هذا الحديث بأنه الذي يُقرّ الخبث في أهله ، سواء في زوجته أو أخته أو ابنته ونحوهنّ.

فحُرمت عليه الجنة لأنه بفعله  قد جلب الأذى  لنفسه وجني علي أبنائه وبناته وزوجه فقد سن لهم سنة سيئة وجرأهم علي الفاحشة وكان عليه من الله ما يستحق من العقاب في الدنيا وفي الآخرة ..ولأن الزنا يدمر نظام البيت ويفسد علاقات الأسرة ويعرض الأولاد لسوء التربية مما يؤدي إلي لانتشار الجريمة والانحراف والتشرد بسبب إشاعة الفاحشة في المجتمع ..

وليعلم الزاني أنه كما  يفعل يفعل به وكما تدين تدان وبالكيل الذي تكيل به تكتال ..

عِفُّوا تعِفَّ نساؤكم في المحرمِ**وتجنَّبُوا ما لا يليقُ بمسلمِ

من يزنِ يُزنَ به ولو بجـــدارِه**إن كنتَ يا هذا لبيبًا فافهــمِ

إنَّ الزِّنا دَينٌ فإن  أقرضتـــــــًه **كان الوفامِن أهلِ بيتِك فاعلمِ

من يزني في قوم بألفي درهم **في أهله يزني بربع الدرهـم

يا هاتكًا حُرمَ الرجالِ وقاطعًا  ** سُبلَ المودةِ عشتَ غيرَ مُكرَّمِ

لو كنتَ حرًّا مِن سُلالةِ ماجد  ** ما كنتَ هتَّاكًا لحرمةِ مُسلـــمِ

أخوة الإيمان :

إن جريمة الزنا تنافي هذه الصفة الحميدة” صفة الإيمان ” التي نتحدث عنها اليوم ؛فعن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ “إذَا زَنَى الْعَبْدُ خَرَجَ مِنْهُ الْإِيمَانُ فَكَانَ فَوْقَ رَأْسِهِ كَالظُّلَّةِ فَإِذَا خَرَجَ مِنْ ذَلِكَ الْعَمَلِ عَادَ إلَيْهِ الْإِيمَانُ”(التِّرْمِذِيُّ وَأَبُو داود). لأن الزنا رذيلة تدنس عرض صاحبها، وعرض من قارفها ومازجها، ولذلك حرّم الله على المؤمن أن ينكح زانية، وعلى المؤمنة أن تنكح زانيًا، إلا أن يتوبوا، قال -تعالى:”ٱلزَّانِى لاَ يَنكِحُ إِلاَّ زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَٱلزَّانِيَةُ لاَ يَنكِحُهَا إِلاَّ زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرّمَ ذٰلِكَ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ“(النور/3). إذ الظالم يحشر مع زوجه، كما قال -تعالى-: “احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ ” .(الصافات/22). أي: قرناءهم، ومقارنة الزوج لزوجته، والزوجة لزوجها أشد الاقترانات والازدواجيات.

وقد نفى الله الإيمان عن الزاني في قوله -تعالى-: ” وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ “أي: حرم نكاح الزاني والزانية، فلو كان مؤمنا بالله حقا لم يقدم على ذلك، وفي هذا دليل على أن الزاني ليس مؤمنا حقًا. ويؤيد هذا الحديث الصحيح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- إنه قال: لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن”  . فالزاني وإن لم يكن مشركاً، لكنه لا يطلق عليه اسم المدح الذي هو الإيمان المطلق.

وقد عظم الله أمر الزنا فأمر بجلد الزاني، كما جاءت السنة برجم الزاني إذا كان محصناً، فإن الزاني لا يخلو: إما أن يكون بكرًا وهو الذي لم يتزوج، أو محصنًا وهو الذي قد وطئ في نكاح صحيح، وهو حر بالغ عاقل، فإن كان الزاني بكرًا لم يتزوج، فإن حده مائة جلدة، كما قال -تعالى-:” الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ“( النور/2) .

وقد رجم النبي -صلى الله عليه وسلم- ماعزًا و الغامدية وقد أمر الله بإقامة الحد على الزانيين، ونهانا أن تأخذنا بهما رأفة في دين الله تمنعنا من إقامة الحد عليهما، وبين أن الإيمان موجب لانتفاء هذه الرأفة المانعة من إقامة أمر الله، وأمر أن يحضر عذاب الزانيين جماعة من المؤمنين ليشتهر ويحصل بذلك الخزي والارتداع؛ إذ أن ذلك أبلغ في زجرهما، وأنجع في ردعهما. فإن في ذلك تقريعًا وتوبيخًا وفضيحة، إذا كان الناس حضورًا قال -تعالى-:” وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ“(النور/ 2).

أيها المؤمنون :

إن الله أثنى على المؤمنين في حفظهم لفروجهم، ومن أعظم ما يضاد هذه الصفة وينافيها الزنا، لما فيه من المفاسد والشرور والآثام والجنايات العظيمة الكثيرة منها:

حرم الله الزنا لما فيه من الشر العظيم، وفيه من قلة الغيرة، وإلحاق الأولاد الذين ليسوا من الزوج، وكون الزاني لا يعفَّها بسبب اشتغاله بغيرها، وبعض هذا كاف في التحريم، فالزنا جريمة خلقية تهدم الأخلاق الفاضلة، وتقضي عليها.  جريمة تذهب الغيرة الدينية.و تذهب بالحياء وماء الوجه.يقول الإمام الشافعي :” إن الله خلق للمرأة سبعين نوعاً من الحياء فإن تزوجت بقي لها نوع واحد فإن زنت ذهب حياؤها وماء وجهها”

 الزنا جريمة مستفحشة شرعًا وعقلًا وفطرة. و تجرُّؤ على حرمات الله، واعتداء على حقوقه.

وجناية على الزوج وانتهاك لحرمته. وجناية على الزوجة لما فيه من إلصاق العار بها، وعدم إعفاف الزاني لها. و فيه إفساد لفراش الزوج.

 الزنا جريمة وجناية على الإسلام لما فيه من الاستخفاف به، وإيجاد أولاد غير شرعيين. وجناية على المسلمين لما فيه من إيجاد البغضاء والأحقاد وزرعها فيما بينهم، ولما فيه من اختلاط الأنساب.وجناية على أهل الزوجة لما فيه من لحوق العار بهم.و جناية على أقارب الزوج لما فيه من تشويه سمعتهم وخدش كرامتهم، ومن أجل هذه الشرور والآثام والجنايات حرَّم الإسلام فاحشة الزنا، وتوعد صاحبها بوعيد شديد في الآخرة وعاقبه في الدنيا بأشد عقوبة وأعظمها، حيث أمر بقتله أشنع قتلة إن كان محصنًا، وذلك بأن يرجم بالحجارة حتى يموت ليصل الألم إلى كل جزء من أجزائه، كما وصلت اللذة المحرمة إلى جميع أجزائه، والله حكيم عليم.

فجدير بالمسلم أن يبتعد عن فاحشة الزنا، وقد علم ما يترتب عليها من الشرور والآثام، وأنها من كبائر الذنوب العظام ليسلم من العقوبة في الدنيا، والوعيد الشديد في الآخرة، وليحصل على الوعد الكريم من الله لمن اجتنب الكبائر في قوله  تعالى:” إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا“( النساء/31). 

 ويقول القائل :”

وأغضُّ طرفي إنْ بدتْ لي جارَتي … حتَّى يواري جارتي مأواها.

إنَّي امرؤٌ سمحُ الخليفةِ ماجـــدٌ  …  لا أتبعُ النَّفسَ اللَّجوجَ هواها.

أخوة الإيمان والإسلام :

وإن مما ينافي صفة الإيمان في حفظ الفرج و يضادّه أيضاً:

” اللواط”  تلك الجريمة الأخلاقية المستبشعة في الفطر السليمة، فضلًا عن العقول والشرائع، بل إن البهائم العجماوات تأنف منها، وتنفر بطبعها من اقترافها فضلًا عن الإنسان الذي ميّزه الله وكرمه وفضله على كثير من مخلوقات الله، فضلًا عن المسلم الذي له مبدأ وعقيدة ومُثُل وأخلاق يعتز بها، ويشرُف بتطبيقها، والعمل بها، فقد شرفه الله  بالإسلام والإيمان. ولقد مدح الله المؤمنين وأثنى عليهم باتصافهم بحفظ فروجهم، وإن جريمة اللواط تضاد هذه الصفة، وتناقضها تمام المناقضة، تلك الجريمة الخلقية الشنعاء التي تأنفها الطباع السليمة والفطر المستقيمة والعقول الصحيحة، وجاءت الشرائع بتحريمها وبتشنيعها، موافقة للعقول والفطر، فإن العقل الصريح موافق للنقل الصحيح.

ولم تعرف هذه الجريمة قبل قوم لوط مبتدعي اللواطة، فهم الذين ابتكروها وابتدعوها وسنّوها لمن بعدهم، وذلك شيء لم تكن بنو آدم تعهده ولا تألفه، ولا يخطر ببال أحد، حتى صنع ذلك أهل سدوم قوم لوط عليهم لعائن الله.”وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّن الْعَالَمِينَ .إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاء بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ” (الأعراف/80-81).قال الوليد بن عبد الملك باني جامع دمشق :” لولا أن الله عز وجل قصَّ علينا خبر قوم لوط ما ظننت أن ذكرًا يعلو ذكرًا..”

فجريمة اللواط فاحشة بلغت في العظم والشناعة إلى أن استغرقت أنواع الفحش، وسماها الله إسرافًاً؛ لأن هؤلاء الخبثاء عدلوا عن النساء اللاتي خلقهن الله للرجال، وهذا إسراف وجهل، ووضع للشيء في غير موضعه؛ إذ النساء فيهن المستمتع الموافق للشهوة والفطرة.

فلما كانت هذه الجريمة عمل تنفر منه الطباع المستقيمة أشد نفرة حتي الحيوان بنفر منه فهي مخالفة وتعطيل للفطرة التي فطر الله الناس عليها فهي مفسدة عكس الفطرة وقلب لنظام الكون قلب الله سبحانه عليهم ديارهم فجعل عاليها سافلها وجمع عليهم من أنواع العقوبات مالم يجمعه لأحد من العالمين فكان الجزاء من جنس العمل .. فقلب عليهم ديارهم وخسف بهم ورجمهم بحجارة من السماء وأهلك هذه القرية وهي المعروفة بقرية سدوم وعمورة وهي القرى الواقعة في طريق مطروق بين الحجاز والشام ..وتعرف الآن بالبحر الميت أو بحيرة لوط  حيث اقتلع جبريل القرية بما فيها ومن فيها وصعد بها إلي السماء السابعة حتي أن الملائكة سمعت صياح الديكة وقذفها فصارت أخفض مكان علي وجه الأرض . قال -تعالى-: ” فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ “(هود/ 82-83).    

أيها الناس :

إن  ارتكاب هذه الجريمة هدم للأخلاق الفاضلة.ومرتكبها قد ذهب عنه الحياء وذهب  ماء وجهه. لأنه باللواط قد دنّس عرضه، وشوّه سمعته. و جني على الإسلام وعلى حرماته. جنى على المجتمع الإسلامي بإشاعة الفاحشة، وإفساد الأخلاق ,جنيٍ على أقاربه بتشويه سمعتهم، وخدش كرامتهم، وإلحاق العار بهم. 

لأن هذه الجريمة من أفسد المفاسد وأعظمها جرماً ربما كانت أفظع من الزنا حيث أقر الشرع قتل الفاعل والمفعول به فقتل المفعول به خير له من وطئه لأنه إذا وطئه قتله قتلاً لا ترجي الحياة معه قتل فيه روح الرجولة إلي الأبد وهو علي كل حال مقتول بأشنع معصية وأقذر فعلة :” وقد توعد الله -سبحانه- من يفعل هذه الفعلة بقوله: “وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ ” والمعنى: وما هذه النقمة – وهي الحجارة التي أمطرت على قوم لوط – ببعيد ممن تشبّه بهم في ظلمهم، وفعل مثل فعلهم. ولهذا ذهب الإمام أبو حنيفة -رحمه الله- إلى أن اللوطي يُلقى من شاهق، ويُتبع بالحجارة كما فعل بقوم لوط. وذهب الإمام الشافعي وجماعة من العلماء إلى أن اللوطي يقتل سواء كان محصنا أو غير محصن، عملا بحديث ابن عباس -رضي الله عنهما-: من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به “(ابن حبان وصححه).

وذهب آخرون إلى أن اللوطي كالزاني؛ فإن كان محصناً رجم، وإلا جلد مائة جلدة وغرّب عامًا.

وجريمة اللواط فيها من المفاسد والمضار الخلقية والدينية والفطرية ما يكفي بعضها لتحريمها، وبعد العاقل عنها، فضلا عن المسلم ذي الخلق والمبدأ والعقيدة؛ فهذه الجريمة النكراء تنطوي تحتها أمور عظيمة منها:  أن جريمة اللواط فاحشة عظمى من أعظم أنواع الفواحش، فارتكابها وقوع في فحش عظيم.ومرتكبها متجرؤ على حرمات الله، متعرِّض لسخطه وأليم عقابه. و جريمة اللواط من أعظم كبائر الذنوب، ومرتكب الكبائر على خطر عظيم قد توعده الله بالعقوبة والعذاب والهوان.

وجريمة اللواط شذوذ في الأخلاق، وخروج عن مألوف الإنسانية، بل الحيوانية؛ إذ أن كثيرا من الحيوانات تأنفها وتأباها. و مرتكب جريمة اللواط قد انتكست فطرته، وعميت بصيرته.

أيها المسلم: جدير بك وقد أنعم الله عليك بنعمة الإسلام، أن تحذر كل الحذر من الوقوع في هذه الفاحشة المستخبثة شرعًا وعقلًا وفطرة، وأن تبتعد عن الأسباب الموصلة إليها، فإنها جريمة نكراء شنعاء ، إنها دعارة و فساد في الأخلاق، وفساد في التصوّر، و انحراف في الفطرة، إنها خروج عن المألوف، إنها وضع للشيء في غير موضعه، إنها قذارة، إنها قضاء على المروءة، إنها قضاء على الشهامة، إنها إذهاب للرجولة، إنها ذهاب للحياء، إنها قضاء على الاحتشام والستر، إنها تزعزع العقيدة الإسلامية، وتضعفها، وقد تقضي عليها، إنها تميت الغيرة الدينية.

فاحذرها -أيها المسلم- ابتعد عنها لا تقربها، لا تفكر فيها ابتعد عن أسبابها لتسلم من الويلات والمصائب التي تجرّها، ولتكون في عداد الحافظين لفروجهم، والحافظات الذين أعد الله لهم مغفرة وأجرًا عظيمًا. جعلنا الله منهم بمنه وكرمه، إنه جواد كريم.

الخطبة الثانية :

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي أشرف المرسلين ..أما بعد .

فيا جماعة الإسلام :

وإن مما ينافي هذه الصفة الحميدة صفة “حفظ الفروج”  ويضادها: ما يسمى ب

“العادة السرية”  التي بُلي بها بعض الناس، والعادة السرّية عبارة عن الاستمناء باليد، أو بمعنى أعم: هي عبارة عن استدعاء خروج المني، سواء كان باليد أم بغيرها، وتعرف عند العلماء بجلد عميرة- وعميرة كناية عن الذكر، ويقال لها: الخضخضة، وهي حرام عند جمهور العلماء مطلقًا، وقد دل الكتاب والسنة على تحريم العادة السرّية، وذلك لما يترتب عليها من الأضرار الجسمية والعقلية والدينية. فمن أدلة تحريمها من الكتاب: قوله -تعالى- في سورتين من كتابه:” وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ” (المؤمنون/5-7) . (المعارج/ 29 – 31).

ووجه الاستدلال: أن الله أثنى على الحافظين لفروجهم، واستثنى التمتع بالزوجة وملك اليمين، فمن تجاوزهما فقد اعتدى وتجاوز الحد فهو ملوم ومذموم، والتلذذ عن طريق العادة السرية سواء كان باليد، أم بغيرها خارج عن هذين القسمين، فالمتلذذ بذلك من العادين بنصّ هاتين الآيتين الكريمتين.

من الأدلة -أيضا- قوله -تعالى-:”وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ “(الأحزاب / 35). ومن الأدلة قوله تعالى:”وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ“(النور/33).فقد أمر الله العاجز عن الزواج بالاستعفاف. وفعل العادة السرية يضاد الاستعفاف.

ومن أدلة تحريم العادة السرية من السنة   قوله –صلي الله عليه وسلم  ” يا معشر الشباب من استطاع الباءة منكم فليتزوج؛ فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم؛ فإنه له وجاء “(البخاري ومسلم) . فأرشد صلي الله عليه وسلم – العاجز عن الزواج إلى الصوم. وعدل عن الإرشاد إلى فعل العادة السرية، فدل على تحريمها، ولو كانت جائزة لبيّنها؛ إذ المقام يقتضيها، والقاعدة الأصولية تقول: لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة.

ومن الأدلة أيضا: حديث أنس بن مالك:”سبعة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة، ولا يزكيهم، ولا يجمعهم مع العالمين، ويدخلهم النار أول الداخلين إلا أن يتوبوا ومن تاب تاب الله عليه: الناكح يده، والفاعل والمفعول به، ومدمني الخمر، والضارب والديه حتى يستغيثا، والمؤذي جيرانه حتى يلعنوه، والناكح حليلة جاره “( البيهقي والذهبي ).

فقد توعّد الناكح يده بوعيد شديد، مما يدل على تحريم فعل العادة السرية..

قال بعض العلماء :” إنها كالفاعل بنفسه، وهي معصية أحدثها الشيطان، وأجرها بين الناس حتى صارت قيلة، ويا ليتها لم تقل، ولو قام الدليل على جوازها لكان ذو المروءة يعرض عنها لدناءتها، فإنها عار بالرجل الدنيء، فكيف بالرجل الكبير، هذه العادة السرّية يترتب على فعلها مضار جسيمة وعقليه ودينية، فمن :

المضار الجسمية:” أنها تضعف البصر. و تضعف عضو التناسل. وتحدث ارتخاء جزئياً أو كلياً. و توقف نمو الأعضاء الإحليل والخصيتين وتورث التهابًا منويا في الخصيتين، فيصير صاحبه سريع الإنزال.و تورث ألمًا في فقار الظهر في الصلب الذي يخرج منه المني. و تورث رعشة في بعض الأعضاء كالرجلين واليدين .

ومن المضار العقلية:”  أنها تضعف القوة المدركة، مما يؤدي إلى البله، وقد تؤدي إلى الخبل في العقل.

ومن المضار الدينية: أنها تضعف النسل الذي حث الإسلام على الإكثار منه،ومن ذلك قوله عليه الصلاة والسلام:”تزوجوا الودود الولود، فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة“( النسائي وأبو داود و أحمد).

فجدير بالمسلم وقد علم مضار هذه العادة السيئة أن يجتنبها ويبتعد عنها، وكلُّ ما فيه ضرر فالإسلام يمنعه وينفيه، ومن ذلك قوله -عليه الصلاة والسلام-:”لا ضرر ولا ضرار“(ابن ماجة) .

فالحديث يدل على المنع من كل ما يضر وتحريمه، فتدخل العادة السرّية في عموم الحديث؛ لأنه ثبت ضررها جسميًا وعقليًا ودينيًا.

فاحذر –أيها المسلم- من استعمالها لتكون في عداد “وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ “فتحصل على الوعد الكريم الذي وعدهم الله به، وابتعد عن كل الأسباب التي تؤدي إلى الإخلال بهذه الصفة “حفظ الفروج” فاحفظ سمعك وبصرك ويدك ورجلك عن الحرام؛ فلا تنظر إلى ما حرم الله من النساء والمصورات الخليعة،والأفلام الإباحية  ولا تسمع اللغو والهذيان والغزل المؤدي إلى هتك حفظ الفروج، ولا تمسّ بيدك ما حرم الله عليك من النساء وغيرها، ولا تمش برجلك إلى ريبة، ولا تتمنَّ ولا تهوى ما حرمه الله عليك، فكل ذلكم وسائل تؤدي إلى هتك حفظ الفروج.

أخوة الإيمان : وإن مما ينافي هذا الصفة أيضاً ما ابتلينا به في هذه الأيام من:”

 السحاق و السحق و المساحقة و كلها بمعنى واحد ، يراد بها دَلْكُ فَرج الأنثى بفرج أخرى بدافع الاستمتاع الجنسي . وإتيان المرأة المرأة ،محرم بلا شك ، وقد عدَّه بعض العلماء من الكبائر .لأن المساحقة معصية كبيرة من أشد الكبائر و من أعظم المحرمات ، و هي من أنواع الانحراف و الشذوذ الجنسي ، أو الممارسات الجنسية المثلية الخاطئة المخالفة للفطرة الإنسانية السليمة ، “(الزواجر عن اقتراف الكبائر” كبيرة رقم (362) .

وقد اتفق الأئمة على أن السحاق لا حد فيه لأنه ليس بزنى . وإنما فيه التعزير فيعاقب الحاكم من فعلت ذلك العقوبة التي تردعها وأمثالها عن هذا الفعل المحرم . وجاء في:( الموسوعة الفقهية (24/252) :” اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ لا حَدَّ فِي السِّحَاقِ ; لأَنَّهُ لَيْسَ زِنًى . وَإِنَّمَا يَجِبُ فِيهِ التَّعْزِيرُ ; لأَنَّهُ مَعْصِيَةٌ” اهـ . وينبغي أن تقنن قوانين رادعة لمثل هذه الفاحش ..

وقال ابن قدامة  :” وَإِنْ تَدَالَكَتْ امْرَأَتَانِ , فَهُمَا زَانِيَتَانِ مَلْعُونَتَانِ ; لِمَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ : “إذَا أَتَتْ الْمَرْأَةُ الْمَرْأَةَ , فَهُمَا زَانِيَتَانِ ” وَلا حَدَّ عَلَيْهِمَا لأَنَّهُ لا يَتَضَمَّنُ إيلاجًا ( يعني الجماع ) , فَأَشْبَهَ الْمُبَاشَرَةَ دُونَ الْفَرْجِ , وَعَلَيْهِمَا التَّعْزِيرُ اهـ . وقال في تحفة المحتاج : وَلا حَدَّ بِإِتْيَانِ الْمَرْأَةِ الْمَرْأَةَ ، بَلْ تُعَزَّرَانِ ” اهـ . وقد يتوهم البعض أن عقوبة السحاق هي عقوبة الزنى للحديث الذي ذكره ابن قدامة آنفاً . وهذا الحديث قد رواه البيهقي عن أبي موسى رضي الله عنه أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال :” إذا أتى الرجلُ الرجلَ فهما زانيان ، وإذا أتت المرأةُ المرأةَ فهما زانيتان” .

أخوة الإيمان :

وإن مما ينافي هذا الصفة أيضاً ما ابتلينا به في هذه الأيام من استخدام  الُدُمى والعروسة الصيني والياباني المستحدثة في هذه الأيام وتجد من يقول :” بأنها تفريغ للشهوة وليس بها شيء طالما أنه ليس اعتداءً علي حرمة أحد ” وهذا قول موتور مردود علي من قاله والرد عليه قد ذكرناه في كل ما سبق .. وكفي بالمرء إثماً أنه لا يستطيع كبت شهوته ولا يستطيع حفظ فرجه وقد قال صلي الله عليه وسلم :”من يضمن لي مابين لحييه وفخذيه أضمن له الجنة “(البخاري).

أيها الناس :

لا شك أن الوقوع في المعاصي وانتهاك حرمات الله تعالى سبب من أسباب العقوبات التي تنزل بالناس عامة وخاصة. ومنها إعراض الله وملائكته وعباده عنه فإن العبد إذا أعرض عن الطاعة و اشتغل بالمعصية أعرض الله عنه وملائكته . وبالجملة فأثار المعصية أكثر من أن يحيط بها العبد علماً ، وآثار الطاعة أكثر من أن يحيط بها العبد علماً فخير الدنيا والآخرة كله في طاعة الله وشر الدنيا والآخرة كله في معصية الله .وعلى من ابتلي  بهذا البلاء المبادرة بالتوبة إلى الله ، والعمل على معالجة هذا الداء فما نزل بلاء إلا بذنب وما رفع إلا بتوبة .. 

ونسأل الله أن يجعلنا من  الحافظين فروجهم والحافظات، إنه على كل شيء قدير.

اللهم اجعلنا في صلاتنا خاشعين وعن اللغو معرضين وللزكاة فاعلين ولفروجنا حافظين وللصلاة مؤدين وللأمانة والعهد راعين ..واجعلنا من ورثة جنة الفردوس والنعيم يارب العالمين .

اظهر المزيد

admin

مجلس إدارة الجريدة الدكتور أحمد رمضان الشيخ محمد القطاوي رئيس التحريـر: د. أحمد رمضان (Editor-in-Chief: Dr. Ahmed Ramadan) تليفون (phone) : 01008222553  فيس بوك (Facebook): https://www.facebook.com/Dr.Ahmed.Ramadn تويتر (Twitter): https://twitter.com/DRAhmad_Ramadan الأستاذ محمد القطاوي: المدير العام ومسئول الدعم الفني بالجريدة. الحاصل علي دورات كثيرة في الدعم الفني والهندسي للمواقع وإنشاء المواقع وحاصل علي الليسانس من جامعة الأزهر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »